القاهرة | يقوم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بزيارته الأولى للسعودية غداً الأحد لإجراء مباحثات مع الملك عبد الله بن عبد العزيز تتمحور حول التطورات السياسية الإقليمية وتحديات «الأمن القومي العربي».
ونقلت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية أمس، عن السفير المصري في السعودية عفيفي عبد الوهاب، قوله إن «هذه الزيارة تأتي في وقت بالغ الأهمية، نظراً إلى ما تشهده الساحة الإقليمية من تحديات كبيرة تستدعي من الجانبين المزيد من التعاون والعمل المشترك لمواجهة هذه التحديات»، متوقعاً أنه «سيكون على رأس المحادثات بين الزعيمين... تطورات وتحديات تمسّ الأمن القومي العربي إجمالاً وضرورة أن يكون هناك نوع من التشاور والتعاون والتنسيق المستمر بين البلدين». ورأى عبد الوهاب أن الزيارة تأتي أيضاً في إطار «تقديم الشكر» للملك عبدالله، الذي سبق أن وصف يوم انتخاب السيسي رئيساً بـ«التاريخي»، تقديم الشكر على «مواقفه المشرفة والشجاعة والموقف التاريخي للمملكة بجانب مصر عقب ثورة 30 يونيو».
وقال مصدر لـ«الأخبار» إن السيسي «سيقدم للملك السعودي الشكر لكل الجهود التي قدمتها المملكة لدعم مصر في الفترة الأخيرة، مع قيامه بتأدية مناسك العمرة»، مضيفاً أن «أجندة الموضوعات التي ستجمع السيسي بالملك ستكون منصبة على القضايا المهمة في المنطقة وعلى رأسها الأوضاع في قطاع غزة وليبيا والعراق وسوريا»، مشيراً إلى أن «هناك تنسيقاً بين مصر والسعودية في جميع القضايا، وأن ما يحدث في المنطقة من تطورات وتحديات كبيرة يستدعي ويتطلب المزيد من التعاون من الجانبين والتشاور لمواجهة هذه التحديات التي تشكل خطراً كبيراً على المنطقة بأسرها». وأكد المصدر أن «الزيارة ستجدد تأييد ومساندة المملكة لمصر في هذه المرحلة المهمة من تاريخها، وهذا ما يؤكد أن العمل العربي المشترك يستند إلى التكاتف والتضامن المصري السعودي».
وتستبق زيارة السعودية زيارة أخرى غنية بدلالاتها الديبلوماسية تقوده إلى روسيا يوم الثلاثاء المقبل، وذلك بعد نحو أسبوع على رفضه القيام بزيارة لواشنطن للمشاركة في قمة زعماء أفريقيا.
وتشير هذه الزيارة إلى أن العلاقات الثنائية بين مصر ورسيا تتبلور مجدداً في المجالات الاقتصادية، السياسية، والعسكرية. ومنذ أن جاء وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى مصر في تشرين الثاني الماضي لبحث تكثيف التعاون العسكري والبحثي بين البلدين، أعقبتها زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع في حينه، إلى روسيا بصحبة وزير الخارجية السابق نبيل فهمي في شهر شباط الماضي لوضع ملامح نهائية لجدول التسليح من المعسكر الشرقي، مع توضيح أن مصر تبحث عن التنويع في مصادر تعاونها مع الدول الأجنبية.
وتأتي الزيارة الثانية للسيسي، وفق مصادر «الأخبار»، بهدف «مناقشة أوضاع التوتر الأمني في منطقة الشرق الأوسط مع الرئيس فلاديمير بوتين، إضافة إلى التطرق إلى الاتفاقيات العسكرية التي أبرمت بين الجانبين المصري والروسي مطلع العام الحالي والتي عرفت بمباحثات (2+2) وتمت في مقر إقامة فلاديمير بوتين في نوفواوجاريوفو في ضواحي العاصمة الروسية». وكان بوتين أول رئيس يشيد بترشح السيسي إلى الانتخابات الرئاسية، حتى قبل استقالته من منصب وزير الدفاع.
وتنفي المصادر المطلعة ارتباط التصعيد بين الجانبين المصري والأميركي وبين زيارة السيسي لروسيا، وتقول إن «مصر تعمل على كل المحاور ولن تربط نفسها بدولة، بل تقف على مصالحها مع كل الدول وبشكل محايد والأولوية الآن تكمن في مصلحة مصر وفي أمنها وأمن المنطقة العربية برمتها، خصوصاً بعدما زادت حدة التوترات بسبب انتشار الجماعات المسلحة».


تستبق زيارة السعودية زيارة أخرى غنية بدلالاتها الديبلوماسية تقود السيسي إلى روسيا يوم الثلاثاء المقبل
ويقول رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق اللواء عبد المنعم سعيد لـ«الأخبار» إن زيارة الرئيس السيسي المقبلة تختلف عن زيارته عندما كان وزيراً للدفاع، نظراً إلى اقتصار زيارته السابقة على الحديث عن التعاون العسكري فقط، مشيراً إلى أن الزيارة هذه المرة ستتطرق إلى كافة أوجه التعاون بين القاهرة وموسكو خلال الفترة المقبلة، بما فيها الحديث عن إمكانية التعاون في مجالات عدة جديدة وضخ استثمارات روسية في المشاريع التنموية التي يجري تنفيذها والتخطيط لها. ويضيف أن النظر للتعاون العسكري الروسي باعتباره بديلاً من التعاون مع واشنطن أمر غير طبيعي، وخصوصاً أن سياسة القوات المسلحة المصرية مرتبطة بتنويع مصادر السلاح لعدم الوقوع تحت أي ضغوط، لافتاً إلى أن العديد من الأجهزة الروسية موجودة بالفعل في القوات المسلحة، لكن ما سيتم سيكون تطوير وشراء أسلحة جديدة، إذ تم الاتفاق على تفاصيلها.
ويقول سعيد إن طبيعة السياسة المصرية مرتبطة بالتوازن وعدم الانحياز لأي من الأطراف الدولية وموسكو من الدول المهمة والمؤثرة في صناعة القرار العالمي، وبالتالي من المهم أن يكون هناك تنسيق معها، مؤكداً أن هناك تفاهماً بين الرئيسين السيسي وبوتين يساعد على تطوير العلاقات المصرية الروسية بدرجة كبيرة.
من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية تامر أبو عرب، في حديثه إلى «الأخبار»، أن جولات الرئيس السيسي تعكس تقديره للدولة التي ساندت موقفه من قبل عندما أزاح «نظام الإخوان المسلمين» استجابة «لثورة الشعب»، مشيراً إلى أن السيسي يسعى إلى تعميق الشراكة مع هذه الدول في ظل الثقة التي يحظى بها من قبل رؤسائها.
ويلفت أبو عرب إلى نقطة مهمة حين يقول إن المشكلة التي تواجه السيسي تكمن في تحفظ بعض الدول من تأكيد دعمها المطلق للإدارة المصرية الجديدة حتى الآن وعدم وجود أي مساعدات أو دعم بشكل خاص تقدر الظروف الاستثنائية التي تمر بها مصر على عكس ما كان يحدث خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.